كشف فريق بحثي من وكالة الفضاء الأوروبية أن كويكبا من حزام الكويكبات -يسمى "هايجيا"- يتخذ شكلا كرويا منتظما، مما يرشحه لأن يصبح قريبا أصغر كوكب قزم نعرفه إلى الآن في المجموعة الشمسية كلها.

ويبلغ قطر "هايجيا" حوالي 430 كيلومترا فقط، ويشبه الأمر كأن دولة مثل مصر قد تحولت لكرة وأصبحت كوكبا، وهو بذلك أصغر من أشهر الكواكب القزمة "بلوتو" -بقطر حوالي 2400 كيلومتر- وآخر شهير يدعى "سيريس" بقطر 950 كيلومترا.

وللتوصل لتلك النتائج التي ظهرت في دراسة جديدة بدورية "نيتشر أسترونومي" في 28 أكتوبر/تشرين الأول، استخدم الباحثون أداة تقنية دقيقة تدعى "سْفير" تابعة للمرصد الكبير جدا "في أل أي" بصحراء أتاكاما بتشيلي، وبعد فحص حركة الكوكب لفترة من الزمن تبين أنه كروي الهيئة، على عكس ما كان يعتقد في السابق.

يعرف الكوكب العادي بميزات عدة، أولها أنه الجرم الذي ليس قمرا، أي أنه لا يدور في فلك كوكب آخر وإنما يدور حول الشمس، بجانب ذلك يجب أن يحصل الجرم على شكل كروي بسبب قوة جاذبيته، ويجب كذلك أن يتمكن من تطهير محيطه من الأجرام الأخرى بسبب قوة الجاذبية الخاصة به.

الكوكب القزم، على الجهة الأخرى، يفتقد تلك الخاصية الأخيرة لأن جاذبيته ليست كافية لتنظيف محيطه من الأجرام الأخرى، أما الكويكب فيفتقد شرطا إضافيا وهو أنه لا يتمكن حتى من الاحتفاظ بشكل كروي، بالطبع هناك عدد من التداخلات والاستثناءات في تلك التصنيفات، لكن تلك هي القواعد الأساسية للتصنيف، بدرجة من التبسيط.

وبحسب الدراسة الجديدة، فإن "هايجيا" ليس فقط كرويا، بحيث يجب أن يخرج من نطاق "كويكب" ليصبح "كوكب قزم"، بل كان شكل سطحه مدهشا للعلماء، حيث لم يحتو على الكثير من الفوهات الصدمية كبقية الكواكب القزمة.

بدا الأمر كأنه اقتطع من جسم أكبر، وعبر محاكاة دقيقة أشار الباحثون من وكالة الفضاء الأوروبية إلى أن "هايجيا" ربما كان جزءا من جرم أكبر تفتت إلى قطع صغيرة قبل حوالي ملياري سنة.

ويوجد حزام الكويكبات في المنطقة الواقعة بين المشتري والمريخ، ويحتوي على ما يمكن تقديره بمليارات من الكويكبات، ويُعتقد أن مليونا من تلك الأجرام يبلغ قطرها أكبر من كيلومتر.

وبسبب كثرة عددها، فإن السينما قد استغلت تلك الفكرة لإعطاء تصور خاطئ يتعلق بأجرام الحزام، حيث نرى الكويكبات في الأفلام متجاورة، تسبح المركبات بينها وتحاول تفاديها بمناورات خطيرة، لكن في الحقيقة فإن المسافة بين كل منها تصل إلى ملايين الكيلومترات، لدرجة أنه يمكن لك أن تعيش على أحدها ولا تتمكن طوال عمرك من رؤية كويكب آخر.

ومن المعروف أن كواكب المجموعة الشمسية تكونت بسبب التحامات في الماضي السحيق بين قطع صخرية كتلك، لكن كويكبات الحزام لم تجتمع معا لتكون كوكبا بسبب تذبذبها بين جاذبية المشتري القريب والضخم، وبين جاذبية الشمس البعيدة.

يشبه الأمر أن تحرّك الـ"غربال" بقوة من أجل تصفية الأرز من الشوائب. في تلك الحالة، فإنه حتى لو كان الأرز مبللا وقادرا على الالتصاق ببعضه، لن يفعل بسبب حركة الغربال. وللسبب نفسه فإن الكويكبات لا تتجمع معا في جرم واحد.