آخر الاخبار

الرئيسية   أخبار وتقارير

وصل الحصار لبراميل القمامة.. سياسيون وناشطون: الحوثي ينتقم من تعز ويتلذذ بتعذيبها

الثلاثاء 24 مايو 2022 الساعة 07 مساءً / سهيل نت - خاص

تعيش تعز أقسى ظروف الحرب وجرائمها، وفيها تتجسد كافة ملامح الأزمة الإنسانية اليمنية، وتُرتكب فيها أكثر انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وحشية، ما يوجب أن تضع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إنهاء هذه المعاناة الناتجة عن جريمة الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي، وفك الحصار الذي تفرضه على تعز، كأولوية قصوى.

طال الحصار الحوثي المفروض على تعز، وامتد معه مسلسل المعاناة لأبنائها، منذ نحو 8 سنوات، حين أتت جحافل المليشيا الحوثية لتفرض حصارها على نحو 4 ملايين مواطن في المدينة ومحيطها.

وتوالى خلال هذه السنوات تملص مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران من رفع الحصار على تعز خلال محطات الهدن والوساطات والاتفاقات التي رعتها الأمم المتحدة، في استمرار لجريمة الحرب هذه بحق مئات الآلاف من المدنيين وسط صمت دولي مخز، وخذلان منظمات أممية إنسانية عوراء.

ناشطون وإعلاميون أطلقوا حملة إلكترونية تحت هاشتاج "ارفعوا الحصار عن تعز"، أبرزوا خلالها جانبا من الكارثة والمأساة اللتين جثمتا على تعز وسكانها منذ بدء الحصار الحوثي المفروض على المدينة والمناطق المحيطة بها.

داليا محمد، فتاة من ريف تعز، قالت إنها أصبت وفقدت نظرها عندما قدمت مليشيا الحوثي في 2015 حاملة معها مشروع القتل والدمار والتهجير وزراعة الألغام وإطباق الحصار.

من جهته، أشار المحامي محمد المسوري، إلى أن "الحوثي يتلذذ بمعاناة الشعب، ويتلذذ أكثر بتعذيب تعز وأهلها وساكنيها خاصة، ينتقم من تعز باستماتة وكأنها عدوه الأكبر، يعرقل مساعي رفع الحصار عنها بكل قوته، وستبقى تعز وكل أرض في الوطن صامدة في وجهه حتى زواله".

- ضرورة وجود تحركات قوية

إلى ذلك، غرد الصحفي والباحث عبدالله إسماعيل، مخاطبا مليشيا الحوثي بالقول: "ارفعوا الحصار عن تعز، فقد زاد الأمر عن حده كثيراً، ولكم نهاية لابد منها"، مشيرا إلى إنتاج فلم وثائقي ‎"أطول من لينينغراد" عن جرائم مليشيا الحوثي الإرهابية في ‎تعز، موضحا أن "النازيين حاصروا لينينغراد، خلال الحرب العالمية الثانية، أكثر من ثمانمائة يوم، بينما يتجاوز حصار مليشيا الحوثي لتعز عند تنفيذ الفيلم، الألف يوم وآلاف الجرائم".

فيما تساءل ناشطون: من يصدق أن هناك مختطفين ما زال الحوثي يخفيهم في زنازينه، والتهمة المشاركة في تهريب أنابيب الأوكسجين إلى تعز حين اشتد الحصار، مضيفين: "فقط في زمن الحوثي، أصبح نقل الأوكسجين للمرضى تهمة خطيرة، وغدت عملية "تهريب الحياة" للمحاصرين جريمة كبرى".

من جهته، وجه عضو مجلس النواب شوقي القاضي، نداء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والتحالف ومجلس القيادة الرئاسي، لرفع الحصار الحوثي عن تعز.

مضيفا: "أما ‎مليشيا الحوثي السلالية العنصرية الإرهابية فلا يُعوَّل عليها بأن تستجيب للنداء فلا يصدقون في اتفاق ولا يلتزمون عهداً ولا ميثاق ويكذبون كما يتنفسون".

‏إلى ذلك، قال الصحفي رشاد الشرعبي، "لي 4 شقيقات في ‎تعز، اثنتان منهن داخل المدينة والأخريات خارجها، بينهن مسافة أقل من كيلومتر، منذ سنوات عديدة يعجزن رؤية بعضهن حتى في المناسبات العائلية المهمة وأطفالهن لا يعرفون بعضهم البعض، بسبب حصار مليشيا ‎الحوثي المضروب على المدينة لأكثر من 7 سنوات".

في السياق، رأى الناشط الحقوقي رياض الدبعي، إن طريق تعز لن تفتحه مليشيا الحوثي إلا في حالة وجود تحركات قوية للضغط عليهم، مضيفا: "ببساطة فتح الطريق إلي تعز معناه فقدان الحوثي للهيمنة والتكلفة الاقتصادية التي يتحصل عليها من الشركات التجارية هناك".

كما غردت الناشطة أسماء الرفاعي، بالقول: "إلى كل من يعنيه الإنسان، أنقذوا ضمائركم المحاصرة، خلف جدران ‎تعز".

فيما قال الناشط عبده علي الحذيفي، إن "قطع الطرق يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن، تعز مثال حي فاتفاق ستوكهولم والهدنة السارية ينصان على فتح طرقات المدينة لكن جماعة الحوثي ترفض تطبيق التزاماتها بفتح الطرق والمعابر إيغالاً في استمرار معاناة اليمنيين".

في السياق قال المصور الصحفي أحمد الشيخ، إن العار الأسود على جبين كل من تخاذل في الوقوف مع ‎تعز الأرض والإنسان، في أكبر جريمة وأطول حصار ضد الإنسانية، فيما قالت الناشطة الحقوقية إشراق المقطري، إن فك الحصار عن ‎تعز هو المؤشر الفعلي لأي تقدم أو جدية في تحقيق السلام ونجاح الهدنة.

- منع خروج أطنان القمامة

وأشار ناشطون، إلى أن من مآسي حصار مليشيا الحوثي على ‎تعز، منع المليشيا خروج أطنان القمامة اليومية من المدينة، حيث تسيطر الجماعة على منطقة "مفرق شرعب" والتي تضم المكب الرئيسي للمدينة، ما اضطر الجهات المعنية إلى البحث عن بديل، ويتم حاليا وضع المخلفات قرب "الضباب"، أشهر منطقة زراعية خصبة في المحافظة.

ولفت الصحفي فارس الحميري، إلى أن مليشيا الحوثي احتلت منذ سنوات مقر مشروع النظافة في مدينة تعز، واستولت على معدات المشروع بما في ذلك الناقلات التي تحتوي على آلات ضغط المخلفات، وتعمل حاليا معظم فرق المشروع على جمع المخلفات من شوارع وأحياء المدينة بطرق بدائية.

وأكد الحميري، أن تراكم أكوام القمامة في مدينة ‎تعز جزء رئيس من تبعات الحصار، ما تسبب في تدهور الوضع الصحي، ومعاناة كثير من السكان من انتشار الحميات وسط مخاوف حقيقة من كارثة بيئية محدقة.

وقال الصحفي فارس، إن إنهاء حصار تعز بالكامل وتحيد الطرق الرئيسية أمام حرية تنقل المواطن اليمني وتسهيل عمليات تدفق المساعدات والبضائع التجارية مطلب إنساني لا علاقة له بالسياسة.

من جهته، قال التحالف اليمني لرصد الانتهاكات، إن مليشيا ‎الحوثي تعاني حصارا خانقا على أغلب المنافذ مما اضطر المدنيين إلى سلك طرق بديلة بعيدة وغير معبدة مما يضاعف من معاناتهم الإنسانية والمادية، مشيرا إلى أن الطرق البديلة والبعيدة التي يسلكونها مرغمين بشكل يومي تسبب في الكثير من الحوادث والإصابات.

‏وتطرق إلى أن الرحلة بين ‎تعز وصنعاء أصبحت مشقة لا يتحملها الكثير، مما اضطر المواطنين إلى الامتناع عن التنقل بين المدينتين لتضاعف تكاليف السفر والخوف من نقاط التفتيش لمليشيا الحوثي، مشيرا إلى أن زمن التنقل كان قبل الحرب 7 ساعات بمسافة 275 كيلومترا، وبعد الحرب: 12 ساعة بمسافة 285 كيلومترا.

‏مضيفا: "كما أن الطريق الرئيسية التي تصل ‎تعز بعدن أصبحت مغلقة بسبب حصار مليشيا الحوثي ويمر المسافرون بطريق وعرة، بين وديان ومسارات السيول لا تصلح كطريق للسفر"، لافتا إلى أن زمن التنقل كان قبل الحرب 3 ساعات بمسافة 162 كيلومترا، وبعد الحرب 6-7 ساعات بمسافة 190 كيلومترا.

‏موضحا أن مليشيا الحوثي تحاصر طريق الحوبان - تعز، والذي تحول إلى معاناة أليمة لا يصف شناعتها إلا من سلك الطريق وعاش العذاب اليومي، مبينا أنه قبل الحرب، كانت مدة التنقل من تعز إلى الحوبان 10 دقائق بمسافة 10 كيلومترات، وبعد الحرب صارت مدة التنقل من تعز إلى الحوبان عبر طريق الأقروض 5 ساعات بنفس المسافة 10 كيلومترات.

ووفقا لإحصاءات مركز تعز الحقوقي، فإن 3590 مدنيا استشهدوا، منهم 761 طفلا و347 امرأة و289 مسنا، وأصيب 13736 آخرون، منهم 3155 طفلا و1180 امرأة و764 مسنا خلال الأعوام من 2015 إلى 2020، جراء أعمال القصف والقنص التي نفذتها مليشيا الحوثي بحق المدنيين في تعز المحاصرة.

في السياق، قالت رابطة أمهات المختطفين، إنها وثقت منذ بداية الحرب تعرض مالا يقل عن "417" مواطناً للاختطاف في نقاط التفتيش التابعة لمليشيا الحوثي التي تحاصر مدينة تعز من اتجاهات متعددة.

- أحياء خاوية بأطراف المدينة

المحامي والناشط الحقوقي توفيق الحميدي، غرد بالقول: "حصار تعز طول سبع سنوات ساهم في تجويع المدنيين وإعاقة نقل الجرحى ووصول الإمدادات الطبية والإغاثية ما يعد عقابا جماعيا مخالفا لقواعد القانون الدولي وبرتوكولات القانون الدولي الإنساني، مضيفا: "53 من القانون الدولي تنص على أنه يُحظر تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب".

‏فيما أكدت منظمة سام للحقوق والحريات، أن ‎تعز تتعرض لحصار خانق منذ العام 2015، في ظل تعاطٍ دولي يجعل فك هذا الحصار وتخفيف معاناة المدنيين فيها قضية فرعية، ولا تحظَ سوى بالقليل من الاهتمام والتنصل عن الوعود، ولا يتم الالتفات إلى هذا الملف إلا في بعض هوامش جهود إنهاء الحرب في ‎اليمن.

‏وأضافت أن المدنيين في ‎تعز يتعرضون للاستهداف بنيران ‎مليشيا الحوثي، إما بالقصف المدفعي والصاروخي، أو بنيران القناصة المتمركزين على الجبال وأسطح البنايات المحيطة بالمدينة، وهذا الاستهداف يحدث دون تمييز بين الأطفال والنساء والمسنين والرجال والشباب.

‏وتابعت المنظمة: "يجري استهداف الناشطين والعاملين في منظمات وجهات الإغاثة والصحفيين والإعلاميين داخل مدينة ‎تعز، إما بالقصف والقنص أو بالاغتيالات، لمنعهم من نقل الحقيقة وكشف وتوثيق الانتهاكات، أو تقديم المساعدات للمدنيين".

‏وأوضحت منظمة سام، أن قصف مليشيا الحوثي على مدينة ‎تعز راح ضحيته آلاف المدنيين، وتسبب بصعوبة حركة المدنيين، ونزوحهم عن منازلهم حتى باتت العديد من الأحياء في أطراف المدينة خاوية، وتعرضت مبانيها للنهب بشكل كامل.

‏مشيرة إلى أنه بالرغم من أن ‎تعز تعيش أقسى ظروف الحرب، وفيها تتجسد كافة ملامح الأزمة الإنسانية اليمنية، وتُرتكب فيها أكثر انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، إلا أن إنهاء هذه المعاناة لم تتحول إلى أولوية لدى المجتمع الدولي.