آخر الاخبار

الرئيسية   أخبار وتقارير

القيادي الإصلاحي العديني: الحزب أنتجته ظروف الانفتاح وتشكل بسبب تدفق جماهير الشعب

الجمعة 15 سبتمبر-أيلول 2023 الساعة 04 مساءً / سهيل نت

قال نائب رئيس إعلامية الإصلاح، عدنان العديني، إن الإصلاح يقف دائما منحازا للشعب اليمني وحقه في العيش الكريم، متمسكاً بمصالحه العليا، مساندا وداعماً لدولة المؤسسات والدستور والقانون، في مواجهة كل أشكال التمرد عليها ومحاولات إضعافها وتقويض سلطتها، واستنساخ أجهزتها، وسلخها من مضمونها الوطني بأثر رجعي أو حزبي أو طائفي أو مناطقي، مشيرا إلى أن هذا الموقف الذي افتتح الإصلاح به تجربته السياسية، وما زال حتى الآن.

وأضاف أن فك الحصار السياسي عن الشعب وتمكينه من لعب دوره الذي حرم منه بأن يكون مصدر الشرعية ومن خلال الانتخابات أولوية إصلاحية تحضر في مفاصل تجربته وتتحكم بمواقفه السياسية داخل سياقه الممتد حتى الان، مشيرا إلى أن الإصلاح اتكأ على الإرادة الشعبية ونتائج الانتخابات في الانتقال من قلب الجماهير إلى السلطة، وتحوله إلى قوة مؤثرة في معادلة الحكم.

وقال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، في حوار مع "الصحوة نت"، إنه "حين كان الإصلاح يختار موقعه في مواجهة السلطة، فإن موقفه لا يمس كيان الدولة، ولا يتناقض مع إرادة الشعب، وكلاهما محل تقدير عالي من قبله، والأمثلة على ذلك كثيرة، ومن ذلك الانتقال الفوري للعمل ودون تردد وفقا للدستور نفسه الذي عارضه بشدة، لقد كنا نفرق في مواقفنا بين كيان الدولة والسياسات التي نعترض عليها".

وأوضح "كان الإصلاح يعي أن وجوده مرهون بالانفتاح السياسي الذي يعود إليه الفضل في وجوده، فلولا تراجع المحرمات السياسية التي هيمنت على الحياة السياسية في حقبة التشطير، وهامش الحرية المعقول الذي رافق الوحدة اليمنية، لما ولد الإصلاح، ولا كان قوة توازن سياسي داخل معادلة الحكم بعد سنوات قليلة".

مشيرا إلى أن تجربة التشطير بكل إخفاقاتها وأخطائها، كانت دافعا مهما لجعل الإصلاح يهتم بالعمل السياسي، باعتباره ليس فقط نقيضاً لتلك الحقبة الزمنية وأهم علامات الانتقال عنها ومغادرتها، وكذلك لأن هامش الحرية الذي ولد بالوحدة، كان السبب الرئيسي لميلاد التجمع وشرطاً من شروط نموه واستمراره كقوة في الساحة الوطنية، فالحق السياسي الذي أعلنته الثورة لم يتحول لواقع سياسي مذعن للشعب وناتج عن إرادته، بسبب استمرار القوة تعمل ضد ذلك الحق الشعبي ولصالح النخب وهو ما حول ذلك الوضع إلى تهديد حقيقي".

ولفت نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، إلى أنه مع ذلك النوع من الاقتراب الجاد من العملية السياسية وما رافقها من مناخ عام وآليات عمل رديفه، كانت الرهانات كبيرة على الشعب وانخراطه في العملية السياسية في جعل التراجع صعبا وغير متاح، ولأجل تقويته أعاد الإصلاح التشكل سياسيا وإداريا وفقا لمتطلبات العهد الجديد والتقسيم الانتخابي للبلاد.

مؤكدا أن التداول السلمي تكمن أهميته من كونه السبيل الوحيد للحفاظ على هذا المكسب وحراسته، واختاره الإصلاح للتعبير عن امتنانه للمتغيرات التي مكنته من الإعلان عن نفسه وأتاحت له الحضور والتأثير، مضيفا: "وهذا متوقع من حزب أنتجته ظروف الانفتاح وتشكل بسبب تدفق جماهير الشعب وهي تضع قدمها لأول مرة في ساحة الفعل السياسي من خلال إعلانها حزبا سياسيا من خارج دوائر السلطة وبالاعتماد الكلي على القوة السياسية، وبقدر أهمية هذا الحدث كانت المخاوف التي لازمته وتزامنت معه من مخاطر محتملة مصدرها القوة العسكرية المسيطرة وصاحبة القوة الفصل في مسألة السلطة ومن يحكمها بحكم الأمر الواقع حتى ذلك الحين".

وأوضح إنه إزاء المخاطر المحتملة من القوة العسكرية المسيطرة صاحبة القوة الفصل في مسألة السلطة، لم يكن ثمة سبيل لتأمين العملية السياسية وتحصين العهد الوليد، إلا بتكريس آلية الحسم الانتخابي، كطريق وحيد وحصري للوصول إلى السلطة، حيث كثافة أصوات الجماهير بديلا حضاريا لكثافة أصوات الرصاص، بمعنى نقل الصراع إلى المجال الذي يتيح للقوى التي تعتمد على أصوات الناخبين النمو والتوسع بقوة السياسية المتدفقة من داخل الجماهير، لقد كانت بيئة تتناسب مع ما يتمتع به الإصلاح من عمق شعبي وعلاقاته الواسعة داخل المجتمع.

وحول ما يطرح عن صفقة أبرمت مع صالح نتج عنها الإصلاح ولمواجهة الحزب الاشتراكي اليمني، قال العديني، إن الصفقات لا تنتج أحزابا وكيانات فضلا عن أن يكون كيانا بمثل الإصلاح، يمكنها إنتاج صيغة تعاونية تقوم بها كيانات سياسية ذات وجود سابق للصفقات، من الصعب الحديث عن صفقات قبل ميلاد صاحبها، منطق لا يتقبله العقل كما إن للدول سجلاتها التي تؤرخ فيها للكيانات داخلها وهو ما يجعل كل حديث سابق أقرب للغو السياسي، وسيكون أقرب للاعتراض على المرحلة أكثر منه اعتراض على الإصلاح.

مضيفا: "لقد أتاحت اللحظة العلاقات السياسية وإبرام الصفقات والجميع فعل ذلك دون استثناء بما في ذلك التقارب بين حزبي السلطة حد الاقتراب من الاندماج، مما يجعل تلك المقولات متأرجحة بين كونها لغواً غير معتبر أو موقفا رافضا على الحق في العمل السياسي، أي احتجاج ضد المبدأ"، مشيرا إلى أن مصدر ذلك اللبس هو الجهل بحقيقة الحوارات المطولة التي سبقت إعلان الإصلاح، حيث جرى فيها رسم شخصيته التي سيخوض بها العملية السياسية منذ الإعلان وحتى الآن، وهذا الجهل جعل من ترديد تلك التفسيرات ميسورة ومتاحة.

واستطرد قائلا: "الحزب الذي لم يندفع لاستخدام حقوقه المكتسبة بشكل قانوني ضد خصومه ليس بالذي يُستخدم، كان للإصلاح المطالبة بإعادة هندسة الصيغة القيادية وفقا للانتخابات التي جعلت منه القوة السياسية الثانية في البلاد، ولم يفعل الإصلاح ذلك رغم الفرصة المواتية لصناعة أزمة سياسية مبررة ومسنودة قانونيا، يمكن للتاريخ تفسير نفسه ودون الخوض في جدل عقيم".

- إحداث تغير اجتماعي مهم

وبين العديني، أن الإصلاح لم يتشبث بمكاسبه المشروعة عقب انتخابات 1993، لأنه يدرك أن الحالة السياسية في البلاد آنذاك أضعف من تحمل أمر كهذا، فالقوة السياسية التي أنتجتها الانتخابات، لم تكن بعد متكافئة مع قوة عسكرية ضاربة جذورها في عمق أجهزة الدولة، وكان الإصلاح يعي أن الدولة الوليدة، وإن حازت بالانتخابات شرعيتها القانونية، إلا أنها ما زالت تفتقر للقدرة التي تمكنها من حماية تلك الشرعية وفرض نتائجها، لقد كان استمرار نمو هذه الدولة أولوية تفوق المكاسب السياسية لدى الإصلاح.

وقال "ونتيجة لطبيعة الإصلاح وطريقة تشكله، فقد كانت الدولة أهم قضاياه السياسية، الدولة في الذهن الإصلاحي ليست سوى نوع من السلطة لا يتيح للحكام إمكانية توظيفها ضد القوى السياسية واستخدامها كهراوة وأداة مكافحة للمجتمع"، مضيفا: "كانت مرحلة التشطير والخشية من العودة إليها أهم عوامل تعريف الدولة المنشودة، إنها الدولة التي تتيح للقوى السياسية حرية الفعل والحركة السياسية المنبعثة من قلب الجماهير في اتجاه السلطة"، موضحا أن هذا ما كان يسعى إليه الحزب ذو المقدرة الفائقة في التحشيد الشعبي والتوسع في المدن الكبرى ونقابات العمال والطلاب وأساتذة الجامعات، ما الذي ينقص حزباً كهذا إلا ساحة تنافس سياسي لا يُسمح للقوة العسكرية اللعب فيها أو التأثير عليها ولا التحكم بها أو ممارسة دور توجيهي لحركتها.

وأضاف: "لقد كانت تلك أولوية الإصلاح، فبعد أن أعلن عن نفسه، وغادرت كتلته الاجتماعية المرحلة السرية، كان بحاجة ماسة لقوة وطنية ترعى العملية السياسية وتضمن سلامتها، لاسيما وأنها ما زالت محاطة بتهديدات محتملة بثقافة سياسية اعتادت حسم الصراع بالعنف، ولم تتصالح مع وضع سياسي يبشر بطريقة لتداول للسلطة من خارج ذلك المألوف المحتفظ بقوة كافية لعرقلة السير للأمام والعودة إلى العهد السابق بكل إكراهاته المهددة للحريات".

وعن الدور الاجتماعي، قال العديني، إن الإصلاح أسهم في النضال الجمهوري بخوضه معركة التنوير المعرفي التي استهدفت الإمامة في نسقها الاجتماعي في قرى اليمن وأريافها، لقد كان نزالا معرفيا تمدد بعيدا عن مراكز وحواضر اليمن حيث القلاع التي تحصنت بها الإمامة في عمق وأطراف المجتمع، مضيفا: "لن نكون جمهوريين بالشكل الذي يليق بنا دون تتبع تلك البؤر التي تبقي على الإمامة تهديدا محتملا وخطرا حقيقيا على اليمنيين، ما دام السلالي مقدما في القرى والأرياف، يعود إليه الناس في أمر دينهم وإليه يحتكمون في شؤون دنياهم".

وأكد أن هذا ما كان يعيه الإصلاح منذ وقت مبكر، وعمليا فقد تمكن الإصلاح من إحداث تغير اجتماعي مهم، عبر ما عرف لاحقا بالمعلمين الذين أعادوا هندسة النظام الاجتماعي بطريقة أفقدت الإمامة حضورها المؤثر داخله، وفتحت باب الصدارة فيه للجميع، وأنهت احتكار السلالة للزعامة الدينية والدنيوية، وجعلتها أمراً مشاعاً، وفي متناول الجميع.

وتابع: "ولقد مثل دخول الإصلاح المبكر للعمل السياسي وتحمله مسؤولية التغيير الاجتماعي في قلب المجتمع أهم العوامل التي مكنته من إعادة رسم شخصيته الخاصة كقوة وطنية تنطلق من واقعها دون الانحباس فيه أو معاداته، لقد اتجه برشاقة وخفة نحو إحداث وعي بمخاطر التكتلات المذهبية والجهوية والقبلية على حياة اليمني وتناقضها مع كوننا إخوة محكومين بقيم دينية ترفض كل صور الانقسام والتمييز، وتعلي من فكرة الإخاء الإنساني، وتنبذ الفوارق المصطنعة واحتكار السيادة من دون الناس، وبهذا أعاد الإصلاح هندسة البنية الاجتماعية بجهد الجميع ولصالح الكل، دونما حاجة إلى خوض مواجهة عنيفة لا مع السلطة ولا مع المجتمع".

- تجربة نتجت عن روافد عديدة

وحول ما يتردد عن يمنية الإصلاح وعلاقاته الخارجية، قال العديني، إن الإصلاح استفاد من الإرث المعرفي لمدرسة التجديد اليمني والذي تراكم من خلال جولات من النزال المعرفي مع الإمامة، ولعبت دور البطولة فيه، شخصيات وازنة وذات تأثير واسع داخل اليمن، وفي عموم العالم الإسلامي، هذه المعرفة بما تملكه من أساسات تجعل منها مدرسة مكتملة الأركان، ستصبح أهم الروافد المؤثرة على الوعي الإصلاحي المحتاج للتحرر من جاذبية وتأثير معارف محلية وخارجية لا تتناسب وطبيعة مهمته، فمع المعرفة المذهبية محليا يكون الانقسام المجتمعي ومع المعارف الوافدة يكون الانقسام السياسي، وكلاهما يحد من الاستقلال الذي كان يحتاجه الاصلاح للحركة المطلوبة للتغيير.

وأكد أن أهمية المعرفة المستمدة من المدرسة اليمنية تأتي من كونها قاومت الانقسام المذهبي وتجاوزته بالإضافة لمقاومتها رغبات الإمامة توظيف المعرفة لصالحها، ولهذا نالت مكانتها لدى الإصلاح وجميع أحرار اليمن من بداياته وحتى الآن، لقد أثرت تلك المدرسة على الإصلاح في طريقة تعامله مع المعارف الوافدة من المحيط العربي والإسلامي بطريقة واعية.

موضحا أن الخصوصية الإصلاحية بالمقارنة مع تجارب مشابهة مردها عظمة الإرث الذي تركه الآباء الذين جعلوا من المعرفة نسقاً نضالياً مقاوماً للسلطات المستبدة، فإليها يعود ذلك الصمود الإصلاحي في وجه التأثيرات العديدة وإصراره على خط فكري يعيد الاعتبار للبعد المحلي دون الانغلاق مع الخارج، تجربة نتجت عن روافد عديدة، دون أن تكون هي تكراراً لأي منها، وتلك سمة تحسب للإصلاح.

وقال إن "الإصلاح لم يفعل أكثر من الاستعانة بتركة المدرسة اليمنية لتجاوز إرث الانقسام المذهبي والتصدي لمخلفات الإمامة، إلا أن هذا ليس كافيا، وعلى الدولة أن تكمل هذا الدور الذي بدأت به المعاهد العلمية وتحويل تلك المعرفة إلى مادة مرجعية للثقافة وجزء من المنهج المدرسي، ولا يجب التوقف عند هذه النقطة".

وبين أنه "يوجد روافد كثيرة صبت في مجرى الإصلاح الكبير في صورته الحالية، ومنها روافد خارجية ومحلية، حاول الإصلاح الاستفادة منها، دون أن يقع سجينا لها أو معاديا لها، فهو وإن كان ابن بيئته، وأحد تعبيراتها، فهو أيضا وفي الوقت نفسه متجاوزا لها ومسؤولا عن التفاعل عنها وتوجيهها بالشكل الذي يساعده على التحرك بالجميع في طريق مشترك ونحو غاية واحدة يصبح السعي من أجلها المبرر الأول للتضحيات وبذل الطاقة من أجل ببلوغه، فلا أثمن من لحظة يكون اليمني سيد نفسه وبدولة كل وظيفتها حراسة تلك السيادة".

مشيرا إلى أن الإصلاح حقق ذلك من خلال الاهتمام بالقطاع التعليمي، ومخرجاته، الذين أصبحوا مدرسين منتشرين تقريبا في كل قرية يمنية، وتحولوا إلى طلائع عملت على قيادة تحول اجتماعي أشبه ما يكون بثورة، نجحت إلى حد كبير في إزالة النظام الطبقي الذي كان المجتمع مستسلماً له، وإعادة صياغته مجددا، ابتداء من القرية، التي أصبح المعلم الإصلاحي يؤدي دورا مؤثرا فيها، ويحتل مركزاً اجتماعياً بارزاً، وهو ابن الفلاح أو المواطن البسيط، لكن التحاقه بالتعليم، واهتمام الإصلاح به، وتأهيله تنظيميا، ساعده على لعب هذا الدور.

مضيفا: "وأنا أعتقد أن حضور الإصلاح القوي في قطاعي التعليم والطلاب، أسهم إلى حد بعيد في حيوية هذا القطاع، وتطوير دوره إلى مساعدة الجمهورية على الانتشار والتوسع كقيمة يرى فيها اليمنيون، فارقا عما قبلها، حتى في تلك المناطق التي صعب على الجمهوريين دخولها، فقد كان المعلم الذي أهله الإصلاح تنظيميا يذهب إلى القرية النائية في جبال برط مثلا أو الحشوة في صعدة، وهو يحمل الطبشور في يده والجمهورية في قلبه".

وعن تقييم التحالفات السياسية للإصلاح، قال العديني، إنها لم تكن بعيدة عن مطلب تثبيت الدولة الوطنية وإخضاع التنافس على إدارتها لمنطق سياسي سلمي مغاير لمنطق القوة العسكرية التي كانت سائدة في تداول السلطة حتى ذلك الوقت، وعمل الإصلاح على إنشاء تحالفاته على ضفاف العملية السياسية ولأجلها تحاشيا لتحالفات السلاح التي حكمت ما قبل التعددية السياسية، والتي أدمت الجسد الجمهوري، وعمقت الهوة بين المجتمع والسلطة التي بقيت قلعة صماء غير متاحة لعموم المواطنين، موضحا أن التجربة الوليدة كانت بحاجة إلى مساحة عمل تتيح للقوى غير المسلحة إمكانية السير المشترك كبديل متسق مع النظام السياسي يحرر الحالة السياسية من تحالفات القطيعة التي سادت عهد التشطير.

وأضاف: "يمكن النظر إلى تعدد التحالفات التي أبرمها الإصلاح مع مختلف القوى السياسية من منظور الثابت الوطني والمتغير السياسي، فالدافع لتحالفنا مع صالح في 1994 هو نفسه الذي سيجعلنا نفض هذا التحالف فيما بعد، كان الدافع له وقتئذ تثبيت المؤسسة الدستورية الأولى للدولة الوليدة ورفض تجاوزها وما أفرزته الانتخابات من واقع سياسي يتسم بالشرعية منذ الثورتين، لقد سعينا بالتحالف ذاك لمواجهة الخيارات المفروضة بالقوة العسكرية، فلقد رفضنا مسلك الانفصال بقوة السلاح لما ينطوي عليه من تهديد للحريات العامة وتضييق، وربما إلغاء الهامش الديمقراطي الذي ولد بالوحدة، وهو أحد مكاسبها".

وأوضح نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، أنه "ولأجل حماية الهامش الديمقراطي والتصدي للسيطرة على الحالة التنافسية في البلاد غادرنا هذا التحالف، ونحن في كلتا الحالتين لم تحركنا خصوماتنا مع الحزبين الحاكمين، فقد كان الدافع إسقاط خيار القوة والاستقواء باعتبارها تهديداً للحرية السياسية كأهم مكسب جديد، فمن أجل المضمون التعددي للنظام تحالفنا مع صالح وضده، من أجل الحرية المهددة بالتقسيم أو بالسيطرة المريحة".

وعن الوحدة والانفصال، وموقف الحزب، قال العديني، إن "الإصلاح لا يجد نفسه في أي من المنطقتين، فنحن نرفض استخدام القوة لفرض أي خيار سياسي، سواء كان الهدف انفصالاً أو توحداً، كل ما نسعى إليه أن تصبح الإرادة الشعبية هي من تقرر بشأن هذه القضايا بغض النظر عما تريده القوى المختلفة"، وعن موقف الإصلاح من حرب 94، وأوضح: "كنا مع الإرادة الشعبية التي تجلت بالاستفتاء على الدستور ثم بالانتخابات التي نتج عنها المؤسسة الدستورية للدولة الجديدة، إنها المرة الأولى التي تظهر للشعب إرادة بين زحمة الإرادات المسلحة التي وبالضرورة لا تنسجم معها، وكان علينا أن نقف في الضفة التي تتيح للمواطن دورا أوسع وحقوقا أكثر وهو أمر متعذر ويصبح مستحيلا مع التشظي".

- انحيازنا للناس وخياراتهم

وفي رده على سؤال حول إذا ما كان الإصلاح قد ندم على مشاركته في حرب 94، خاصة عند خروجه من السلطة، أوضح العديني، أنه "لايقين في السياسة فهي محكومة بالنسبية وإكراهات اللحظة ومحفزاته، والمهم هو مقدار قربنا حينها من خيارات الشعب، ومن الدولة التي كانت قد بدأت تنمو من خارج هيمنة سلطتي الحكم، وبالاستناد إلى القوة السياسية، بالتأكيد فرض الانفصال تهديدا كليا للدولة وللحرية كمكسب وحيد لشعب وقف مطولا وهو يقاتل من أجل سلطة حكامه قبل أن يقف أخيرا في طابور اختيارهم وتغييرهم، لقد كان انحيازنا حينها للناس وخياراتهم وضد العودة إلى حقبة القمع ومكافحة الشعب، لم نقف مع هذا الحزب أو ضد آخر بدليل خط سيرنا العام، فالحرية التي جعلتنا نرفض التقسيم هي نفسها التي فرضت علينا مغادرة السلطة وبناء جبهة المعارضة".

مضيفا: "عند الحديث عن علاقتنا بالسلطة ترد مسألة توقيت الإصلاح لمغادرته السلطة، فرغم موجباتها العديدة، إلا أن المغادرة بالانتخابات، كان بهدف تكريس السلطة الشعبية وتأكيدا على دورها في العملية السياسية، وأنها من ترفع وتخفض، لقد كان الزمن بحد ذاته موقفا سياسيا اختاره الإصلاح بعناية، وهو يواجه سياسة الأغلبية المريحة حينها، المغادرة كانت للسلطة، وليست للدولة اليمنية التي بقيت محل اهتمام الإصلاح وقضيته الأولى بعد ترك الحكومة".

وتابع: "لقد اتجهنا إلى إعادة بناء المعارضة باعتبارها الركيزة الثانية للدولة، فالنظام السياسي إلى ذلك الوقت كان يسير بطريقة غير متوازنة بسبب الفجوة الناتجة عن غياب معارضة قوية وفاعلة ومعترف بها، لقد سعى الإصلاح بخروجه من السلطة لصياغة معادلة متوازنة قوامها سلطة ومعارضة، لقد كنا نعارض السلطة لمصلحة الدولة ولأجل تقويتها".

وقال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، "في تجربتنا التي اجتازت عقدها الثالث، نحن بحاجة لتقييم للفعل السياسي الإصلاحي ضمن سياقه الخاص والوطني من حوله، علينا وضع سلوكنا بين غاياتنا الأولى ووجهتنا الأخيرة، بين مطلبي الانسان وتحريره والوطن واستقلاله، فبين القطبين تدفقت التجربة وعي ومعرفة، فعل وسلوك، تطلعات وأحلام، حركة ونضال ومازالت حتى الآن، ولا يمكن لأي واحد القول الفصل والنهائي فيها مهما بلغ، على ان كل التجارب عرضة للتاريخ الذي يتولى بحركته المستمرة وضعها في الموقع الذي يليق بها ويتناسب معها، وأظن الإصلاح الذي نتج عن جهد تعليمي يستهدف الفرد قد انتهى حارسا لمشروع اليمنيين وحائط الصد الأول أمام انبعاث الحركة المعادية له".

ورأى العديني، أن من أبرز الأخطاء خلال المرحلة الماضية هو الذهاب إلى مراحل متقدمة في الفعل السياسي خلال فترات التحول في حين ما تزال الحياة السياسية بكلها مكشوفة من الظهر، نتيجة لغياب أو ضعف المؤسسات السيادية، حيث يمكننا القول إن الحروب التي شهدتها اليمن في 1994 و2014 ما كانت لتحدث لو أننا كنا قد تمكنا من بناء المؤسسات السيادية على أسس وطنية، لا تخضع لأي تأثيرات أو اعتبارات غير وطنية.

وفي رده على سؤال حول ما الذي كان على الإصلاح والجميع فعله لتفادي وقوع الحروب، قال العديني، "كان علينا إيجاد مؤسسة وطنية للقوات المسلحة قبل الذهاب لانتخابات نيابية في 1993، وقبل خوض حوار وطني في 2012، الواجب الأول في ظروف كهذه إيجاد الدولة، ثم وعلى إثر ذلك يجري النقاش على طريقة إدارتها والتنافس على فعل ذلك، فقد وقعت السياسة وقواها في كل الحالتين، تحت قبضة البندقية وأمرائها، والأمر نفسه تكرر بعد اتفاق الرياض، فالسلاح الذي مازال خارج سيطرة الدولة أنتج عاصمة بلا هوية ولا سياسة، أعاق حضور الدولة وأحبط مهامها".

مضيفا: "في التجارب الثلاث تحولت الأزمات السياسية ونتيجة لوفرة السلاح لدى أطراف الصراع إلى صدام مسلح ما كان ليحدث لولا الفشل في بناء مؤسسة وطنية للجيش، فللأزمات قابلية للاتجاه في طريق آخر غير الحرب يفضي لتقوية مركز المجتمع وإراداته العامة، يمكن ذلك في حال ذهابها نحو انتخابات مبكرة والعودة للشعب مرة أخرى للفصل بين القوى السياسية".

مشيرا إلى أن وجود السلاح في قبضة القوى السياسية هو المحرض الأهم للاتجاه بالأزمات نحو الصدام العنيف وجعل الحوارات السياسية مناسبة للعنف والعنوان الذي يمهد لهزيمة السياسية وتعطيل محاولات التحول السياسي الديمقراطي في البلاد، هذا هو الدرس الأهم للتجربة السياسية اليمنية، والذي يجب استحضاره دوما لا سيما مع تعددية الجيوش المنتقصة لمركز الدولة المهددة لسلام المجتمع.

وذكر العديني، بمواقف الاصلاح التي رفض فيها جملة الأسباب التي قادت البلاد نحو الحرب، لقد عارض الاصلاح ممارسة السياسة من خارج الفضاء الوطني واستخدامها مطية لصناعة مظلومية مذهبية أو مناطقية أو جهوية كما كان له موقفا صارما من إدخال السلاح لاعبا في سوق السياسية.

موضحا أنه حين ذهب السياسي للعمل من داخل مذهبه أو منطقته أفقد السياسة معناها العام وتسبب بتصدع كبير داخل الأرضية الوطنية المشتركة ومن حينها لم يعد اليمني قادرا على ممارسة أنشطته السياسية بل والاقتصادية من أي مكان داخل البلاد، أما السلاح فقد كان ومازال التهديد الدائم لكل عملية تحول جاد يشرع بها اليمنيون.

وبين العديني، أنه حين وقع الانقلاب تحرك الإصلاح في اتجاهات ثلاثة: ساند شرعية الدولة التي مازالت تحتفظ بعلاقة ما بالشعب، وحفز الشعب لمقاومة القوة المتمردة ومواجهة كل قوة تنشأ من خارج الإرادة الشعبية، واستند على الواجب يفرض ايقاف نشاطه التقليدي كحزب يسعى لإدارة سلطة الدولة والشروع بحركة سياسية بهدف الحفاظ على الدولة نفسها.

موضحا: "وكنا مع الارادة الشعبية التي تقدمت للتعبير عن نفسها بعد أن فقدت النسق الرسمي لأجهزة الدولة، لقد خاض شعبنا معركته من أجل السلام وضد كل قوى تصر على العمل من خارج المنطق السياسي وتسعى لجعل السلطة غنيمة تقتسم بلا تداول سلمي".

وقال نائب رئيس الدائرة الإعلامية للإصلاح، "نريد سلاما حقيقيا ينتج استقرارا، فقد عانى شعبنا من السلام الذي يفضي لحرب أخرى، لا نريد أكثر من إعادة فتح طريق السياسة ولا طريق لذلك إلا بإنهاء حصار المدن وإزالة فرض الانقسام وفرض جمرك وضرائب بين المدن، "ليس هناك من سلام والأطفال يقضون قنصا وجوعا، ولا سلام مع الحصار".