آخر الاخبار

الرئيسية   أخبار وتقارير

أطنان تسلم للحوثي بلا رقابة..
عندما يتحول دواء الأمم المتحدة إلى وقود لاستمرار الحرب في اليمن؟!

الأحد 23 أغسطس-آب 2020 الساعة 04 مساءً / سهيل نت - خاص

خلال ثلاث أيام فقط، تسلمت سلطات مليشيات الحوثي الإرهابية في صنعاء، 108 طنا من الأدوية مقدمة من منظمات تابعة للأمم المتحدة، بدعوى دعم القطاع الصحي في اليمن، ومساندة جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد.
حيث وصلت السبت الماضي، إلى صنعاء شحنة جديدة من المساعدات الطبية مقدمة من الأمم المتحدة، تتضمن أكثر من 82 طنا من المستلزمات الطبية والصحية والوقائية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف".
واستقبل مطار صنعاء، الجمعة الماضية، 11 طنا من المستلزمات الطبية والعلاجية مقدمة من منظمة الصحة العالمية، سبقتها شحنة مماثلة، الخميس الماضي، تشمل أكثر من 15 طنا مقدمة من المنظمة الأممية ذاتها.
وقبل نحو عشرة أيام، وصلت أربع طائرات شحن تحمل مساعدات طبية مقدمة من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" وبرنامج الغذاء الإعلامي، والصليب الأحمر الدولي، وتحمل أكثر من 90 طنا من المساعدات الطبية.
وهكذا طوال العام، ومنذ سنوات، طائرات تهبط، وأخرى تقلع من مطار صنعاء، وحمولتها أطنان من المساعدات الطبية، ومعظمها طائرات تابعة للأمم المتحدة، وكلها تدعي تقديم مساعدات للشعب اليمني المنهك بفعل الحرب القائمة.
ومعروف أن أسعار الأدوية والمعدات الطبية غالية جدا، والحديث عن أطنان يعني الحديث عن ملايين الدولارات شهريا، والسؤال الآن: أين تذهب هذه المساعدات الطبية، ومن المستفيد منها، وكيف توزع؟

- معظمها إلى السوق السوداء
تسلم هذه الأطنان من المساعدات الطبية إلى السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية، وتطلب منها المنظمات الأممية تسليمها إلى المستشفيات الحكومية، وتوزيعها على المرضى المحتاجين مجانا.
وبدورها تقوم مليشيات الحوثي، بتوريد هذه الكميات إلى مستودعات المستشفيات الرسمية أمام المنظمات الأممية، ومن ثم الاستفادة منها لمعالجة جرحى الحوثيين في الجبهات، ومعظمها يتم بيعها في السوق السوداء، بحسب مصدر خاص في وزارة الصحة العامة بصنعاء التابعة للحوثيين.
يقول المصدر الخاص، الذي فضل عدم ذكر اسمه حفاظا على حياته، لموقع "سهيل نت"، إن هذه الأطنان تختفي بإدخالها مخازن المستشفيات الحكومية، ولا يستفيد منها المواطن اليمني شيئا.
ويؤكد أن المنظمات الأممية تدرك ذلك جيدا، لكنها تغض الطرف لأهداف خاصة بمموليها، متسائلا: لماذا لا تراقب هذه المنظمات عملية صرف هذه الأدوية والمستلزمات الطبية، للتحقق من وصولها إلى مستحقيها؟
وفي تصريحات خاصة لـ"سهيل نت"، أكد مواطنون يقبعون في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية، ما ذهب إليه المصدر الخاص في وزارة الصحة التابعة لمليشيا الحوثي، وهو ما يشير بوضح إلى أن هذه الأطنان من الأدوية أصبحت دعما مباشرا لمليشيات الحوثي في حربها ضد اليمنيين.
يقول المواطن "محمد المطري"، إنه تردد أكثر من مرة على مستشفيات حكومية في صنعاء للعلاج، لكنه لم يحصل حتى على إبرة واحدة مجانا، طوال السنوات الماضية، من المستشفيات الرسمية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
ويضيف في حديثه لـ"سهيل نت"، أنه في كل مرة يصرف له الطبيب روشتة العلاج، فيذهب مباشرة إلى صيدلية المستشفى لعله يجد علاجا مجانا، وفي كل مرة ينظر الصيدلاني إلى روشتة العلاج ويتمتم ببعض الكلمات، ثم يقول له "هذا مش موجود معنا روح اشتريه من خارج".
ويستغرب المطري أن هذا هو رد الصيادلة في كل صيدليات المستشفيات الحكومية، خلال السنوات الماضية، من تردده عليها لمعاينة نفسه أو أقربائه، مضيفا: "ولا في مرة قد قال لي العلاج حقك موجود تفضل خذه، إلا كل مرة روح اشتريه من الشارع".

- تجارب مريرة لمواطنين
يقول المواطن "أحمد الهمداني"، إنه أسعف زوجته إلى قسم الولادة في مستشفى الثورة بصنعاء، حيث قرر لها الأطباء عملية قيصرية لإخراج الجنين، ويضيف الهمداني في حديثه لـ"سهيل نت"، بأنه دفع كل مستلزمات العملية "حتى الشاش والخيط حق العملية اشتريته أنا، وحتى الماء التي كانت تشربه زوجتي كنت اشتريه أنا، وحتى المخدر دفعت أنا ثمنه، ولا جابوا لي حاجة بلاش".
ويتحدث المواطن "عبدالله الحاشدي"، عن تجربته في الحصول على أدوية مجانية من المستشفيات الحكومية المدعومة من المنظمات الأممية والخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث قال إن والده أصيب بمرض السرطان، فذهب إلى قسم الأورام بالمستشفى الجمهوري بصنعاء، للحصول على أدوية مجانية، كون حالته المادية صعبة في ظل الحرب الدائرة، وانقطاع رواتب الموظفين.
ويستطرد الحاشدي في حديثه لـ"سهيل نت"، إنه وصل إلى مركز الأورام بالمستشفى الجمهوري، واستكمل إجراءات قطع البطاقة لوالده، واستبشر خيرا بالحصول على جرعات كيمائية مجانية لوالده المريض بهذا الداء الخبيث.
مضيفا: "كل مرة أروح لهم في موعد ضرب الجرعة فيقولوا لي في الصيدلية إنها مش موجودة، وقد خلصت الكمية، فأضطر لشرائها من القطاع الخاص، حيث يشترط الطبيب عمل الجرعة في موعدها المحدد بهدف مصلحة المريض".
ولخص الحاشدي وضعه وتجربته مع المستشفيات الحكومة التي يديرها الحوثيين بالقول: "أنا زعلان على قيمة تغليف البطاقة، وخسارة المشوار للمستشفى الجمهوري كل مرة، أنا غلطان وإلا متى قد جاب الحوثي للمواطنين حاجة بلاش".

- تواطؤ أممي مكشوف
أصبحت المساعدات الأممية بشكل عام، والطبية بشكل خاص "مجهود حربي"، وتسليم هذه الأطنان من الأدوية والمعدات الطبية إلى سلطات الحوثيين الموالية لإيران، لتوزيعها على المرضى المحتاجين، أشبه بتسليم قطعة لحم إلى قطة لإيصالها إلى ربة بيت.
وفي تصريح لـ"سهيل نت"، يقول الصيدلاني "صلاح العنسي"، إن كثير من المنظمات الخارجية كانت تمنح القطاع الصحي مساعدات وأدوية لتوزيعها على المرضى الفقراء، خصوصا الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة والمستعصية، وأن هذه الأدوية أصبحت توزع على القطاع الخاص لبيعها على المستهلكين من خلال المسئولين الحوثيين الذين يبيعونها على التجار بدون مراعاة لوضع الناس الصعب.
مضيفا: "كل المرضى الذين كانوا يحصلون على أدوية مجانية في السابق، أصبحوا يشترون علاجهم من الصيدليات الخاصة، لأن المستشفيات الحكومية لم تعد توزع أو تقدم أي خدمة مجانية في المناطق الخاصة لسيطرة الحوثيين".
ويتفق الصيدلاني العنسي مع ما يقال إن هذه الأدوية المقدمة من المنظمات الأممية أصبحت دعما مباشرا لمليشيات الحوثي في حربها على اليمن واليمنيين، ويشير إلى أن الحوثيين عرقلوا كل المساعدات التي لم يستفيدوا منها.
مستطردا: "عرقلوا وصول المساعدات بما فيها الغذائية، ورفضوا الشفافية في عمليات توزيع المساعدات، وخلافهم كبير حول ذلك مع منظمات دولية، مثل برنامج الغذاء العالمي ووكالة التنمية الأمريكية، بسبب إصرارهم على نهب المساعدات، ولو أن هذه الأدوية لا تصل إلى أيديهم ويتصرفون بها بحرية لما سمحوا لطائرات الأمم المتحدة بالهبوط في مطار صنعاء".
ويعلق أحد العاملين في مستشفى حكومي بمحافظة ذمار، الطبيب "م. أ"، ساخرا بالقول: "الحوثي يقول مافيش عندنا كورونا، وقد عملنا خطة وقضينا عليه، وقد ألغيت كل الإجراءات الاحترازية بكل المدن، والأمم المتحدة تقول هذه مساعدات للحوثي للقضاء على فيروس كورونا المستجد".
متسائلا في حديثه لـ"سهيل نت" بالقول: طالما وأن السلطات الصحية الحوثية تنكر و لم تعلن عن أي تسجيل لحالات إصابة بفيروس كورونا في مناطق سيطرتها، فلماذا تصر المنظمات الدولية والأممية بالحديث عن انتشار الفيروس، وتقدم أطنانا من الأدوية للقضاء عليه، أليس هذا دليلا على وجود فساد ولعبة دولية؟

- المتاجرة بمعاناة اليمنيين
حاول موقع "سهيل نت"، التواصل مع مسئولين في منظمات أممية ودولية، أعلنت مؤخرا عن تقديم أطنانا من الأدوية إلى صنعاء، لكن كل المحاولات بالتواصل معهم باءت بالفشل.
فالبعض لا يرد على تلفونه، والبعض يرفض التعليق حول ما إذا كان هناك آلية لعملية صرف هذه الأدوية، وهل تمتلك المنظمات أدوات رقابية لمعرفة أين ذهبت هذه الأدوية، ومن هم المواطنين الذين حصلوا على أدوية مجانية؟
ثمة تواطؤ أممي واضح، فالمنظمات الدولية والأممية تتاجر بالمعاناة الإنسانية، وهمها الأكبر هو العمل والحصول على مبالغ خاصة باسم نفقات التشغيل، ولا يعنيها نتيجة وثمرة هذا العمل، ولهذا لا يعنيها وصول هذه الأطنان من الأدوية إلى أيدي الحوثيين.
بل ربما هذا السلوك الحوثي يخدمها كونه يطيل أمد الحرب في اليمن، مما يعني زيادة عمل المنظمات العاملة تحت شماعة الجانب الإنساني، وهذا لا يعفي التحالف العربي، والحكومة اليمنية الشرعية من مسؤوليتهم أمام هذه الكارثة.
حيث يجب عليهم الضغط على المنظمات الأممية والدولية، للتأكد من مصير هذه الأطنان من الأدوية، ولضمان عدم تحولها إلى مورد مالي ضخم تستغله مليشيات الحوثي الإرهابية لتدمير اليمن، وتهديد دول الجوار.