آخر الاخبار

الرئيسية   أخبار وتقارير

لندن: الصراع في اليمن أدى إلى تفاقم مشاكل المياه والرصد الفضائي وسيلة لحلها

السبت 30 أكتوبر-تشرين الأول 2021 الساعة 03 مساءً / سهيل نت

قالت بريطانيا إن الصراع أدى إلى تفاقم مشاكل المياه في اليمن، حيث بات من المستحيل تقريباً الآن الحصول على البيانات اللازمة لإدارة موارد المياه في البلاد.

وأضافت أن النمو السكاني السريع في اليمن ابتداء من سبعينات القرن الماضي، إلى جانب التوسع الهائل في حفر آبار جديدة، كان يعني توفر مصادر مياه جوفية على نطاق واسع لم تكن مستغلة سابقاً.

وأوضحت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا روزي دياز، في مقال لها بصحيفة الشرق الأوسط، أن الآبار الجديدة التي يُسحب ماؤها بمضخات تعمل بالديزل، ومؤخراً باستخدام مضخات تعمل بالطاقة الشمسية، تسببت في انخفاض منسوب المياه الجوفية بشكل أسرع مما يمكن تعويضه بماء المطر.

وتابعت دياز: "وفي السنوات الأخيرة، شهد اليمن أيضاً توسعاً كبيراً في زراعة وإنتاج القات، وهو نبات شديد العطش، ويكاد لا يترك ما يكفي من المياه التي تحتاجها زراعة محاصيل الغذاء".

وأكدت أن ندرة المياه تشكل عقبة حقيقية أمام الذين يحاولون وضع وتنفيذ برامج الاستجابة الإنسانية لأزمة اللاجئين والمجاعة في اليمن، وأضافت أن "الأسئلة التي تطرح نفسها الآن، وتحتاج وكالات الإغاثة إلى إجابة عاجلة عنها هي، في أي مناطق يوجد السكان الأكثر عرضة لخطر نقص المياه؟ وفي أي المناطق تؤثر ندرة المياه على الأمن الغذائي؟".

وتطرقت متحدثة الحكومة البريطانية، إلى أن حضارات اليمن القديمة اشتهرت بريادتها عندما كان الأمر يتعلق بإدارة المياه، لافتة إلى أن سد مأرب الكبير، الذي بني في اليمن قبل ما يقرب من أربعة آلاف عام، من عجائب العالم القديم، وكان يوفر نظام ري معقد التركيب.

وأوضحت أنه إلى جانب الهياكل الكبيرة كالسد، كانت توجد ينابيع وآبار ضحلة محفورة يدوياً وأنظمة ري، وكانت كلها تشكل شريان الحياة الذي يدعم سبل العيش الزراعية في اليمن.

وأضافت: "للأسف يمر اليمن اليوم بواحدة من أكبر الأزمات الإنسانية، حيث نحو 80٪ من إجمالي السكان، أو 24 مليون شخص، بحاجة إلى شكل ما من أشكال المساعدات الإنسانية".

مشيرة إلى أن بريطانيا رصدت ما يربو على مليار جنيه إسترليني من المساعدات الإنسانية لليمن منذ اندلاع الحرب عام 2015، وأن التمويل المخصص لهذه السنة المالية يهدف إلى توفير موارد مياه أفضل ولوازم النظافة الشخصية لمليون شخص.

وقالت متحدثة الحكومة البريطانية، إن من شأن المبادرة الممولة من بلادها، التي تستعين بتكنولوجيا الفضاء، أن تساعد السكان الذين يعانون من أزمة المياه ومن الصراع، فضلاً عن أنها ستساهم في التخفيف من آثار تغير المناخ على مخزون المياه الجوفية في اليمن.

وأضافت: "فمن المعروف أن فهم ما إذا كان منسوب المياه الجوفية يرتفع أو ينخفض، إلى جانب تحديد المناطق الأكثر تعرضاً لمشكلة شُح المياه، من شأنه أن يمكن السلطات من تقديم المساعدة المناسبة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها".

وتابعت: "ولحل هذه المشكلة، عملت مجموعة من الخبراء في مجال المياه، بقيادة وولنغفورد، وهي مؤسسة مستقلة متخصصة في الهندسة المدنية وعلوم حركة السوائل البيئية، وينصب اهتمامها تماماً على المياه، على تطوير نظام جديد، بتمويل من الحكومة البريطانية، يستعين بتكنولوجيا الفضاء لرصد مخزون المياه الجوفية".

لافتة إلى أنه جرى تطوير هذا النظام في البداية على نطاق صغير، ويخطط الفريق الآن لاستخدامه على المستوى الوطني في اليمن، مضيفة: "وسيزود نظام الرصد المنظمات غير الحكومية ووكالات التنمية وسلطات الموارد المائية اليمنية بمصدر معلومات موثوق من أجل الاهتداء إلى الأماكن التي قد يؤدي اضمحلال المياه فيها إلى نقص في الغذاء".

وتابعت: "كما سيعمل النظام على مساعدة المزارعين لزراعة محاصيل أقل احتياجاً للماء في المناطق التي يندر فيها وجود المياه، وتوفير الماء لمن يحتاجون إليه، بل ويمكن استخدام المعلومات لمعرفة المناطق التي قد تكون فيها المياه سبباً في الصراع".

وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية، إنه لهذا النظام أيضاً تقدير كيفية تأثير تغير المناخ على منسوب المياه الجوفية، وهو أمر بالغ الأهمية لأجل التخطيط للمستقبل.

مضيفة: "فعن طريق معرفة كمية المياه التي من المرجح توفرها باستطاعة المنظمات غير الحكومية والسلطات التخطيط لكيفية استغلال المياه بشكل مستدام لتوفير الماء للشرب، وللنظافة الشخصية، والزراعة، والصناعة في أنحاء البلاد، وهذا سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى أمن غذائي وإمدادات مياه أكثر استدامة للشعب اليمني".

وقالت إن هذا النظام الجديد يستخدم المعلومات التي تُجمع من الفضاء، ومن دون الحاجة إلى قياسات وحسابات على الأرض، وهكذا يتم التغلب على مشكلة نقص البيانات الناتج عن استمرار الصراع.

وأوضحت أنه من خلال بيانات الأقمار الصناعية تُقاس متغيرات مثل كمية الأمطار واستخدام الأراضي والتبخر، والتي تُغذى جميعها في نموذج حاسوب للتنبؤ بكيفية تغير مستويات المياه.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية، إن علماء وولنغفورد، قد رصدوا بعض الأنماط المحتملة المثيرة للاهتمام في اليمن، مشيرين إلى أنه من الممكن أن يزداد هطول الأمطار في أجزاء من البلاد أحياناً.

وأضافت: "ونحن نلاحظ بطبيعة الحال تزايد وتيرة أحوال الطقس الشديدة في بحر العرب، كما شهدت سلطنة عُمان المجاورة زيادة بمقدار عشرة أضعاف في نشاط الأعاصير خلال السنوات المئة الماضية".

وتابعت: "لكن لسوء الحظ، فإن هطول أمطار غزيرة لن يكون بالضرورة هو الحل لمشاكل المياه في اليمن، إذ يمكن أن تسيل الأمطار الغزيرة فوق سطح الأرض وتنتهي في البحر، من دون أن تعيد ملء مستودعات المياه الجوفية، حيث الحاجة الماسة لها، لذلك فإن الآثار الفعلية لتغير المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف تظهر تدريجياً مع مرور الوقت".

وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية، إن ما يمكن قوله بثقة، هو أن استخدام تكنولوجيا متطورة حديثة سيساعد المواطنين اليمنيين في وقت هم في أمس الحاجة للمساعدة.

مضيفة: "ومن خلال تطوير أنظمة لإدارة المياه الآن، يمكن أن يكون التخطيط للموارد المائية أسهل وأكثر فاعلية، حتى في مواجهة الصراع وتغير المناخ، ومع توفر هذا النوع من التكنولوجيا الجديدة لليمن، فإنني آمل أن تتوفر له الموارد ليصبح مرة أخرى رائداً في مجال إدارة المياه".